اصبح بإمكان أي صحفي الآن إنشاء قصص صحفية مدفوعة بالبيانات من خلال مجموعة من الخطوات التي تبدأ من استخراج البيانات من قواعد البيانات الضخمة أو المواقع الإلكترونية للمؤسسات الحكومية، ثم التحقق من البيانات، وتنظيفها، وتحليلها، وبعد ذلك يمكن الاستعانة ببرامج الجرافيكس أو التطبيقات المجانية المتخصصة في تصميم البيانات، التي ستساعد في عملية التمثيل البياني لكي تظهر القصة بصورة جذابة وتشويقية.
أبرز ما وردَ في "دليل صحافة البيانات - كل ما عليك أن تعرفه عن صحافة البيانات تجده بين يديك" الذي أصدرته مؤخراً الجمعيّة التونسيّة للحوكمة الإلكترونية، ومؤسسة فريدريش ناومان بتونس، ويعتبر هذا الدليل وسيلة هامّة للصحفيين لإتقان صحافة البيانات من خلال إتباع الخطوات الموجودة به.
وفي هذا السياق، تقول د.نهى بلعيد، مؤلفة الدليل والمتخصصة في صحافة البيانات: "يتألف الدليل من 100 صفحة ومن 4 فصول هي: "الفصل الأول عنوانه: ما هي صحافة البيانات؟"، و"الفصل الثاني عنوانه: أين يمكن الحصول على البيانات"، و"الفصل الثالث عنوانه: "كيف ننظم البيانات"، و"الفصل الرابع عنوانه: كيف نؤسس لقصة صحفية من خلال البيانات". ويمكنك الاصلاع على الدليل وتنزيله من خلال الضغط على هذا الرابط.
عوامل ظهور صحافة البيانات
تعتبر "صحافة البيانات" إحدى التوجهات الحديثة في الممارسات الصحفية بعدما أصبح المتلقي يملّ من قراءة المقالات، كما ساهمت أزمة الصحافة الورقية في تطور صحافة البيانات وخاصة بعد عزوف عدد كبير من القراء عن مطالعة الصحف، بالإضافة إلى وفرة المعلومات التي مكنت الصحفيين في معالجة هذا الكم الهائل من المعلومات التي يحصلون عليها.
وأشار الدليل إلى أنّ صحافة البيانات تطوّرت في السنوات الأخيرة بسبب انتشار الوسائط الإلكترونية الحديثة، والهواتف الذكية، وأجهزة التابلت، وأجهزة اللاب توب، وشبكات التواصل الاجتماعي، والتغطية الآنية للأخبار في المواقع الإلكترونية.
وحول انتشار صحافة البيانات في العالم، فقد سعت المؤسسات الإعلامية الكبرى لمواكبة التطورات التكنولوجية، واستقطاب أكبر عدد من القراء من خلال ابتكار طريقة جديدة لسرد المعلومات وذلك مـن أجـل ضمـان اسـتمراريتها رغـم تحديّـات السـوق. كما ساهمت مسابقات الهاكاثون في انتشار صحافة البيانات في الوسط الصحفي والجامعي، باعتبارها فرصة للتشبيك وتطوير المهارات وعرض مشاريع جديدة، ومن الأمثلة الناجحة في هذا الصدد، "Data Journalism Hackathon" الذي نظمته الجمعيـة التونسـية للحوكمـة الإلكترونية، والمركز الأفريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين بتونس عام 2017، وData4Woman Hackathon الذي نظمته مؤسسة "إنفوتايمز" عام 2019.
مراحل إنجاز قصة صحفية مدفوعة بالبيانات
- العثور على البيانات: تعد البيانات هي النقطة الرئيسية للانطلاق، ويمكنك البحث في قواعد البيانات الضخمة، أو المواقع الإلكترونية للمؤسسات الحكومية، أو مواقع الشبكات الاجتماعية للحصول على البيانات التي تبدأ منها قصتك.
- لتحقق من البيانات: يمكن التحقق من البيانات والصور والفيديوهات بطرق متنوعة، فيمكن التحقق من الصور من خلال موقع -+Google Images، وهناك موقع متخصص للتحقق من الفيديوهات وهو Youtube Data Viewer. ويمكنك التأكد من حسابات المصادر على "تويتر" من خلال موقع Follower Wonk.
- تنظيف البيانات وتوضيبها: يجب عند وضع البيانات في الإكسل أن يقوم الصحافي بتنظيفها من خلال تحديد المعلومات التي سيبني عليها قصته بدقة، وحذف العلامات، وتنسيق الأعمدة والصفوف، ومراجعة البيانات بها وذلك قبل بدء عملية التحليل.
- تحليل البيانات: يساعدنا برنامج الإكسل في تحليل البيانات من خلال كشف العلاقات بين الأرقام، وخلق الروابط بينها، وإجراء المقارنات للوصول إلى الاستنتاجات التي سيعتمد عليها الصحفي في الرسوم البيانية التي سيصممها.
- اختيار الأشكال البيانية المناسبة للقصة: تحديد الهدف من الرسم البياني (تحديد مساحة البيانات، عرض اتجاه البيانات سواء أكان تصاعديا أو تنازليا، مقارنة المعلومات ببعضها).
الاستعانة بالمواقع المتخصصة في تصميم البيانات: هناك مواقع كثيرة يستخدمها صحفيو البيانات حول العالم، من أمثلتها:
- موقع Storymap: الذي يساعد الصحفيين في خلق قصص صحفية مدعومة بالبيانات من خلال تحديد الحدود الجغرافية للقصة الصحفية، وإضافة المعلومات ذات الصلة بالقصة الصحفية، ويفضل استخدام هذا الموقع عند خلق قصة صحفية مرتبطة بالأماكن، سواء على مستوى محلي أو دولي.
- موقع Umap: هو موقع عالمي لصحافة البيانات، ويقدم خدماته للمستخدمين، وصحفيي البيانات بأكثر من 20 لغة، ويمكنك توظيف خرائط مميزة من خلال الأيقونات الشهيرة للأماكن، واختيار الأشكال والأحجام التي تريدها، ثم نسخ اللينك الخاص بالخريطة، ولصقه في موقعك الإلكتروني.
- موقع Google Charts: وهو موقع خاص بالرسوم البيانية، ويقترح على المستخدمين مكتبة من العروض البيانية والتي يمكن تطبيقها لتحويل البيانات إلى رسوم بيانية.
- مواقع متخصصة تساعد الصحفيين لتحويل المعلومات إلى رسوم بيانية مثل: Infogram، وVizualize me، حيث يُتيح هذان الموقعان مكتبة جاهزة من القوالب التي يمكن تخصصيها لخلق رسوم إنفوجرافيك، ورسوم بيانية، وعروض بصرية متنوعة وفق القصة التي يعمل عليها الصحفي.
- موقع Timeline JS: المتخصص في إنشاء سلاسل زمنية في شكل خطوط تفاعلية، فبدلاً من أن يقدم الصحفي موضوعًا مليئًا بالتواريخ والأحداث، فيمكنه تقديم عرض بصري في شكل سلسلة زمنية تبين تطور الأحداث.
- يجب اختيار العناصر البصرية والرسوم البيانية التي تتماشى مع ثقافة الجمهور.
أهم المزايا المتحققة من الاستعانة بصحافة البيانات:
- - العثور على القصص التي لم يتم العثور عليها من خلال التقارير التقليدية.
- - البحث عن القصص المخبأة في أكوام البيانات.
- - التحقق من بعض الموضوعات التي تشغل الرأي العام بشكل أكثر موثوقية، وذلك بالاعتماد على الأدلة.
- - التعامل مع أكبر القصص التي تنطوي على كمية هائلة من البيانات أو المعلومات.
- - إيصال المعلومات بسرعة وفعالية.
- - إشراك الجمهور في أساليب السرد القصصي المبتكرة.
نصائح لممارسة صحافة البيانات بشكل أفضل:
- أن تنشئ غرف الأخبار فريقًا صغيرًا لصحافة البيانات، وأن يتحلى الأعضاء بمهارات متنوعة، ولا يشترط أن يكون حجم الفريق كبيراً.
- أن يكون أعضاء فريق صحافة البيانات جزءاً من قسم الأخبار، وأن يعاملوا كصحفيين ويجتمعون في غرفة الأخبار ويتعاونوا مع زملائهم الصحفيين.
- يجب أن يشارك فريق صحافة البيانات في كل المناقشات التي تحدث داخل غرفة الأخبار، وألا يتم اعتبارهم "مكتب خدمة" تم استدعاؤهم لحل مشكلة فنية.
- أن يشترك المحررون وقيادات غرف الأخبار في صياغة وتحرير قصص صحفية مدفوعة بالبيانات.
- يجب تطبيق الضوابط المهنية والأخلاقية المتعارف عليها عند نشر القصص الصحفية المدفوعة بالبيانات.
- يجب الاحتفاظ بالنسخة الأصلية من قواعد البيانات.
- أن يكون الهدف من التمثيل البصري للبيانات هو إيصال المعلومات بطريقة فعّالة، وألا يقتصر عرض القصص على الرسوم البيانية الجذابة من دون مضمون هادف.
- أن تتجنب استخدام المخططات الدائرية في تقديم البيانات لأنها أقل فعالية.
- أن تضفي الطابع الإنساني على القصص الصحفية المدفوعة بالبيانات.
- أن تشارك قصتك الصحفية المدفوعة بالبيانات مع القراء والمنافسين، وأن تعرضها على المستخدمين والخبراء لتقييمها حتى تستفيد من رؤاهم في تطوير قصصك المقبلة.
add_comment ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق