كنت في زيارة لمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، وفيما كنت أستقلّ سيارة أجرة مررت بجانب محلّ لبيع الأدوات المتعلقة بالتصوير والإنتاج، فقلتُ في قرارة نفسي: "سأزور هذا المحلّ يوم غد". وعندما عدت الى الفندق، بدأت بتصفّح بريدي الإلكتروني، ففوجئت بإعلان من المحلّ نفسه في خانة الرسائل Inbox وفيه: "استفد الآن من حسم لغاية 30% على الكاميرات وغيرها من المعدّات هذا الأسبوع".
كيف يمكن تفسير ذلك علميًا؟
إنه الـ Geo-Tagging أو التسويق بحسب المنطقة الجغرافية. فأنت تستخدم الـ Google Maps أو خرائط جوجل للتنقل مع Uber وهي تعمل على البريد الالكتروني الخاص أو حسابك الـ Gmail وبمجرّد أنك أعطيت الـخرائط السماح لاستخدام بريدك، أصبحت معرّضًا لتلقي الإعلانات من أي شركة تقوم بترويج إعلان مع جوجل وتستخدم تقنية الإستهداف المناطقي لكلّ من هو في محيط المحلّ المنوي التسويق له.
كم من مرّة كنت تتصفّح الإنترنت حول منتج معيّن وبعدها رأيت اعلانًا حول المنتج نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وانستجرام؟
تضع معظم مواقع الإنترنت، عندما يتم زياراتها، ملفًا صغيرًا على القرص الصلب الخاص بجهاز الزائر (المتصفح)، هذا الملف يسمى "كوكي (Cookie) أو على الهاتف الذكي، وملفات الكوكيز هي عبارة عن ملفات نصية، إذ أنها ليست برامج أو شيفرات برمجية. ويهدف هذا الكوكي إلى جمع بعض المعلومات عنك، وهو مفيد أحيانًا، خاصة إذا كان الموقع يتطلب منك إدخال كلمة مرور تخولك بزيارته. ولكن من الممكن أن يتم استغلال الكوكيز في انتهاك خصوصية المستخدمين وجمع معلومات عنهم خلال تصفحهم للمواقع.
وتنقسم هذه الملفات الى أنواع عديدة منها مثلاً: السوبر كوكي Super Cookie التي يصعب إيجادها على جهاز المستخدم وعادة ما يتم وضعها من خلال أي ملفّ يتم تنزيله أو تحميله من الانترنت وهي تبقى بشكل دائم لدى المستخدم، تمامًا كوضع جاسوس في غرفة نومك.
ومنها ايضاً ما يأتي بشكل مموّه أو Embedded وقد تتخذ شكل صورة أو فيديو يطلب منك الضغط عليه من أجل تحميل ملف ما أو تصفّح صفحة ما وعندها يتم تنزيل الملف الى جهازك سواء كان حاسوبًا أو هاتفًا ذكيًا.
وهناك نوع متخصّص من هذه المتعقبّات الالكترونية Fingerprint بحسب المتصفّح الذي تستخدمه. ولكل جهاز لغته أو الـ Script الخاص به ويعمل وفقًا لهذه الخاصيّات.
وتعددت أنواع الكوكي لكن غرضها كلّها واحد، وهو نقل المعلومات عن المستخدمين واستخدامها في الحملات الالكترونية والتسويقية، وهذا هو الصراع الأساسي مع مواقع مثل فايسبوك مثلاً التي تستخدم الـUser Data أو المعلومات من المستخدمين حول هواياتهم وميولهم السياسية وطعامهم المفضل وغيرها من المعلومات المستقاة من حساباتهم لأغراض تسويقية محضة. وهذا ما أدّى في العام 2016 الى فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"، الشركة البريطانية التي سرّبت معلومات ملايين المستخدمين واستفادت منها لصالح المرشح وقتها للرئاسة الأميركية دونالد ترامب.
وفيما يلي أبرز الطرق للمواجهة:
أولاً: عدم السماح للمواقع باستخدام الكوكيز فبعض المواقع تسألك إذا كنت تريد أن تحفّظ الـ "كوكيز" بهدف جمع بعض المعلومات عنك.
ثانيًا: لا تفتح أي بريد الكتروني لا تعرف من الجهة التي أرسلته أو الشخص الذي أرسله، لا سيما إذا كان في خانة الـ Junk email .
ثالثًا: انتبه الى العناوين التي قد تبدو غريبة ومريبة وجذابة بشكل يطرح التساؤلات. (مثلاً: صور لهذا الفنان أو غيره...).
رابعًا: إحرص على تحديث البرامج المكافحة للفيروسات على حاسوبك وعلى القيام بعملية SCAN دائمة وحمّل أحد البرامج الأساسية لمكافحة هذا النوع من البرمجيات.
خامسًا: اذا كنت تملك جهاز اندرويد عليك الانتباه أكثر من حملة أجهزة ios أو آيفون، لأنّ طريقة الخرق أسهل وأقل تعقيداً. فجهاز آيفون يعتمد على شيفرة وبرمجة مقفلة يصعب اختراقها بسهولة من هذه البرمجيات.
سادسًا: إزالة التطبيقات التي لا تستخدمها بشكل دائم، فكل تطبيق على هاتفك يأخذ "الإذن" بسحب معلوماتك وعادة لا ينتبه المستخدم لهذا الأمر. لهذا قم بإزالة التطبيقات التى تصرّ على طلب هذه الأذونات.
سابعًا: حافظ على الخصوصية، إنّ عدم نشر المعلومات الخاصة سواء في الأحاديث الخاصة Chatting أو غيرها يجنّب المستخدم الكثير من المشاكل ويساهم في حماية معلوماته. حذار أن تكتب رمز المرور الخاص بك أو رقم بطاقتك المصرفية في المحادثات المكتوبة على التطبيقات الالكترونية، فقد تكون مخترقة بكوكي "سيئة" من شأنها سرقة هذا النوع من المعلومات.
ههههههه
ردحذفاعجبني المقال
ردحذف